الخميس، 6 أغسطس 2015

المسؤولية الوطنية والاجتماعية والمجتمعية والأخلاقية لجامعاتنا تجاه قضايا أمن الوطن

تظهر قوة الجامعات في أي بلد في تميزها في وظائفها المتمثلة في التعليم والبحث وخدمة المجتمع. تبرز تلك القوة المعرفية للجامعة بالتأثير والتأثر في حياة كل من ينتسب للجامعة كالمجتمع الجامعي من الطلاب والطالبات وأعضاء هيئة التدريس وكذلك المجتمع الكبير الذي تعمل فيه الجامعة. وعلى الجامعات أن تراعي التوازن في أدوارها الثلاثة لتحقق تنميةً مستدامةً لإنسان وطنها الذي من أجله أنشأها ودعمها من قبل الدولة ومؤسساتها.
وأمام الجامعة أدوارٌ عظيمةٌ تجاه المجتمع  تتمركز في مسؤولياتها الأخلاقية ومسؤولياتها المجتمعية والتي تكبر كلما تقدمت الجامعة في تميزها العلمي والبحثي. ولكي تتميز الجامعة في تلك المسؤوليات والأدوار المجتمعية فإن عليها معايشة المجتمع وتوجيه برامجها ومشاريعها ومبادراتها العلمية والبحثية لتطويره والمساهمة في حل مشكلاته وعوائق تنميته وتقدمه حيث أن ذلك المجتمع هو مصدر مهم للجامعة من جانبين إن لم يكن أكثر. 
الجانب الأول: المجتمع هو من يحتوى طلبة الجامعة قبل وبعد الدوام الجامعي، وهم الذين يمثلون مدخلات الجامعة وكذلك نواتجها عند تخرجهم. كما أنهم يمثلون الجيل الحالي الذين سيضمنوا بعد الله استقرار الوطن وأجياله في المرحلة القادمة.
 أما الجانب الثاني فيتمثل في أهمية التعاون بين ذلك المجتمع الذي هو الوطن بأكمله والجامعة وما يمثله ذلك التعاون من دور حيوي في تفعيل رؤى وأفكار وبرامج وأبحاث الجامعة لتطبيقها حتى لاتكون نظريات غير متصلة بواقع وحياة المجتمع الذي يمثل نجاحاً وتميزاً للجامعة تجاه وظيفتها المجتمعية.
ولا ينكر أحدنا بأن الوطن هو أساس ذلك المجتمع الذي تتعايش معه الجامعة وأن الأسرة هي المكون الرئيس للوطن وهي المحضن الأول لطلبة الجامعة ومنسوبيها أعضاء هيئة التدريس وهي من يسهم بدرجةٍ كبيرةٍ في الجوانب العلمية والاجتماعية والثقافية والوطنية. وأهم جانب يحفظ الوطن هو تكامل التربية الأسرية بعد توفيق الله والمتمثلة في انسجام ذلك البيت الذي يحتويها تكاملاً عقائدياً وتربوياً وفكرياً وثقافياً ووطنياً لتتكامل حياة أطفالهم وتتنامى فرص تعلمهم وتربيتهم ووطنيتهم. ومن الأدوار المنوطة بالجامعة بل من مسؤولياتها الرئيسة تجاه خدمة المجتمع المساهمة في بناء إنسان الوطن واستثمار مكوناته وطاقاته بما يخدم وطنه ومجتمعه.
لقد تعددت مصادر وقنوات توجيه وبناء أبناء وبنات هذا العصر نظراً للانفتاح المعلوماتي واتساع دوائر الاتصال،  فما الذي يجب أن تقدمه الجامعة كجزء من مسؤوليتها الاجتماعية والمجتمعية لرعاية شباب وشابات الوطن في ظل ذلك الانفتاح وتقارب الأماكن والأزمنة العالمية؟. 
من هذا المنطلق فإن على جامعاتنا التي تنشد التميز في مسؤوليتها المجتمعية تجاه المجتمع - مجتمعها الجامعي (الطلبة وأعضاء هيئة التدريس) أو المجتمع المحلي للجامعة بكل مكوناته- الاهتمام بالأسرة كمكون رئيس لحياة منسوبيها الطلبة وأعضاء هيئة التدريس.
ومن باب الاختصار لا الحصر فإن على الجامعة أدواراً متعددةً تجاه هذه القضية أُوجزها في الجوانب التالية:

أولاً: جانب الاستيعاب والاستقطاب، ويتمثل في تهيئة التخصصات التي تفي باحتياجات ومهارات الطلبة بمايكفل استيعاب جميع خريجي وخريجات الثانوية العامة في مؤسسات التعليم مابعد الثانوي سواءً العلمية أو الأدبية أو المهارية، وكذلك يضمن لهم الأمن الوظيفي بعد تخرجهم للمساهمة في تنمية مؤسسات الوطن المختلفة وبما يؤمن مستقبلهم الحياتي بإذن الله.

ثانياً: الجانب التعليمي والتربوي والقيمي،  ويتمثل في تفعيل برامج القيم الإسلامية والتربية الوطنية ضمن برامج ومواد السنة التحضيرية والبرامج الجامعية، وكذلك تضمين البرامج التدريبية داخل الجامعة دورات تدريبية تهتم بالجانب الوطني والأسري وحفظ الأسرة وبنائها والعلاقة بين أفرادها ودور الأسر السعيدة والمطمئنة في تنمية المجتمع والحفاظ على ممتلكاته المالية والاجتماعية والثقافية.

ثالثاً: الجانب التثقيفي والمهاري، ويتمثل في استثمار طاقات الشباب وميولهم أثناء دراستهم الجامعية بما يكفل توجيهها لخدمة الوطن ومؤسساته وكذلك بنائهم للمرحلة الراهنة والمستقبلية لإعدادهم وتنميتهم تنميةً مستدامة. ومن المهارات المطلوب تنميتها مهارات الحوار والتفاوض والقيادة والتعامل مع الظروف ومهارات الاتصال والتواصل واستشراف المستقبل ومهارات التخطيط ومراعاة المصلحة العامة والمهارات الوظيفية والحياتية. كل ذلك يتطلب توظيف عددٍ من الاستشاريين في مجالات متعددة في البرامج والأنشطة اللامنهجية تضمن توفير تلك المهارات بجودة عالية للطلبة.

رابعاً: الجانب التوعوي والذي يتمثل في توعية الأسرة خارج مجتمع الجامعة وتقديم برامج تخدم الأمن الوطني والأمن الفكري المجتمعي عبر الوسائل المرئية والمسموعة  وقنوات التلفاز والإذاعة وكذلك المطبوعات المقروءة والدورات التطويرية في جوانب عدة مثل أمن الوطن ووحدته والنتائج السلبية على تنمية المجتمع الجامعي ومنسوبي الجامعة بصفة خاصة والقضايا الوطنية ووحدة الصف ونماء المجتمع بشكل عام.

خامساً: الجانب البحثي والذي يتمثل في توجيه البحوث والدراسات التي يقوم بها طلبة البحث وأعضاء هيئة التدريس في كليات التربية نحو مشكلات الفكر والقضايا التربوية الأسرية والوطنية، وأن تكون هذه البحوث من البحوث المدعومة التي ترعاها الجامعة وأن تشمل الطرق الكمية والنوعية وأن تراعى فيها المعايير العلمية لتكون منارةً للمجتمع ومساهمةً في حل مشكلاته، كما أن على معاهد ومراكز وعمادات البحوث التواصل مع مؤسسات المجتمع للاستفادة من البحوث والدراسات الجامعية في هذا المجال.

سادساً: التعاون مع الوزارات المعنية في شؤون الأسرة وقضايا الأمن وبناء الشباب كوزارة الداخلية والعدل والشؤون الاجتماعية والرئاسة العامة لرعاية الشباب ومجلس الشورى للاستفادة من إمكاناتهم المادية والبشرية 
وتزويدهم بنتائج الدراسات والبحوث العلمية التي تتعلق بقضايا الأسرة لتساهم في قراراتها ومعالجة المشكلات المجتمعية المتعلقة بمهامها.

نسأل الله أن يحفظ الوطن وأن يكتب الخير لأبنائه وبناته ليكونوا لبنات صالحة في بناء أسرة آمنة مطمئنةً لتساهم في تميز المجتمع الذي بدوره يعتبر عاملاً مهماً لتميز جامعاتنا في أدوراها ومسؤولياتها المجتمعية لتساهم في بناء ونماء وحدة الوطن..
كتبه/سعود بن موسى الصلاحي

هناك تعليقان (2):

  1. بارك الله فيك، طرح رائع وشامل للموضوع.
    نفع الله بععلمك وعملك .

    ردحذف
  2. طرح رائع جدا بارك الله فيكم

    ردحذف